إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
49518 مشاهدة
4- الإيمان بالحوض وبيان صفته

[وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، طوله شهر، وعرضه شهر، من يشرب منه شربة ؛ لا يظمأ بعدها أبدا]


(الشرح)* قوله: (وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم...):
الحوض: هو حوض يَرِدُهُ المؤمنون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وورد أيضا: أن لكل نبي حوضًا ولكن حوض نبينا أكثر واردًا؛ لأن أمته الذين اتبعوه أكثر من غيرهم، فَيَرِدُهُ من أمته المتمسكون والمتبعون له حق الاتباع، ويطرد ويُذَاد عنه الذين لم يتبعوه غاية الاتباع، ولم يتمسكوا بسنته من مبتدعة ومشركة ونحوهم، ممن لم يحقق اتباع سنته، وممن أشرك بالله ونحوهم.
ويعرفهم صلى الله عليه وسلم بعلامة الوضوء؛ لكونهم يأتون غُرًّا محجلين، بيض الوجوه وبيض الأيدي والأرجل من آثار الوضوء .
فهذا الحوض ورد فيه أحاديث كثيرة في صفته. وقيل: إنه الكوثر المذكور في القرآن: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: ا] وإن كان الصحيح أن الكوثر نهر في الجنة أعطاه الله إياه. قيل: إن هذا الحوض يصب فيه ميزابان من الكوثر .
ووصف ماؤه بأنه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأن كيزانه وآنيته عدد نجوم السماء، وأن من شرب منه شربة لم يظمأ حتى يدخل الجنة، وأنه إنما يرده المتبعون للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه يُذَاد عنه الذين ارتدوا أو خالفوا ويقال له: إنهم قد ارتدوا، إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أدبارهم منذ فارقتهم ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث: إنه تأتي فرقة من أمتي، فإذا قربوا من الحوض أُحِيلَ بيني وبينهم، ثم تأتي فرقة ثانية فإذا قربوا صُرفوا، فلا أراه يخلص إليَّ إلا كهمل النعم يعني من كثرة المنحرفين وكثرة المبتدعين.
فالذي يؤمن باليوم الآخر يؤمن بهذا؛ وذلك لأن الناس يشتد ظمؤهم في يوم القيامة لطول الموقف، ولكن جعل الله للمؤمنين هذا الحوض؛ ليخفف عنهم ذلك الظمأ فيؤمن المسلمون والمؤمنون باليوم الآخر وبما فيه من التفاصيل، ويعتقدون أنها ثابتة حقيقية، وأنها على ما تواترت بها الأحاديث وثبتت به السنة، وهي من الأمور الغيبية التي يؤمنون بها، فتدخل في قول الله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: 3] يعني بما أخبروا عنه مما غاب عن أعينهم.